Törökszentmiklós

كنت قد شارفت على نهاية العام الثاني من دراستي حيث ننتقل من المرحلة التعلمية الى المرحلة البحثية لكتابة أطروحة الدكتوراه ونشر الأبحاث العلمية. كنت وقتها قد حصلت على القبول لأول ورقة علمية أنشرها في مجلة مفهرسة في قواعد بيانات سكوبص.

في تلك الفترة بدأ التواصل مع الشريك الصناعي في مدينة Törökszentmiklós المجرية، وهي مدينة زراعية صناعية تقع بين العاصمة ومدينة Debrecen وعلى خط سكة الحديد بينهما. الطريق بين غودولو وTörökszentmiklós يحتاج الى ثلاث ساعات من لحظة خروجي من البيت الى العاصمة ومنها الى محطة القطار الشرقية لبودابست (Budapest Keleti pályaudvar) ومن ثم الى خط مدينة سولنوك المجرية وهي مدينة جميلة جداً وهادئة جداً، ذهبت اليها في عز الشتاء وكانت متجمدة (سأكتب عنها لاحقاً).

عرفني مشرفي الأكاديمي على الشركة أول مرة في الحرم الجامعي. حيث ترتبط الجامعات المجرية بالشركات الصناعية ارتباطاً جيداً. ليس الأفضل في أوروبا ولكن الجامعات المجرية تسير بخطى ثابتة نحو الشراكة الفعالة والمثالية بين الأكاديميا والصناعة. تستضيف الجامعة هذه الشركات وتتعرف عليها وتنظم لها الأنشطة والفعاليات ليتعرف الطلبة للشركات وتتعرف الشركات على الطلبة والمدرسين.

الخلاصة، أنني ذهبت الى Törökszentmiklós، ما يميز هذه المدينة حفاظها على طابعها الريفي الهاديء وطبيعتها الجميلة، فشوارعها تتزين على جنباتها بالأشجار المثمرة الخضراء وأراضيها الزراعية الشاسعة مزروعة بالحبوب وغيرها من المحاصيل الزراعية التي تتميز بها. يبتعد مكان اقامتي عن المصنع الشريك في بحثي مسافة ساعة مشي أو أقل، كنت أمضيها وانا اتنقل بين حارات المدينة وأسير في أحيائها السكنية وألتقط من ثمرات أشجارها ما لذّ وطاب من الفواكه المختلفة.

تُعد مدينة Törökszentmiklós واحدة من المدن المجرية التي تجمع بين الطابع الهادئ والصناعة المتنامية، حيث تضم مجموعة من المصانع والشركات التي تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد المحلي. وتضم في منطقتها الصناعية صناعات حديدية ثقيلة للسكب وصناعة الصفائح المعدنية. تحتضن Törökszentmiklós مصنعاً تابعاً لشركة CLAAS الألمانية، إحدى أكبر الشركات العالمية في تصنيع الآلات الزراعية، والذي يعمل كمركز متخصص لإنتاج أجزاء أساسية من ماكينات الحصاد والزراعة ضمن سلسلة توريد عالمية متطورة وهو المصنع الذي أجريت فيه أطروحتي للدكتوراه بالتعاون مع فريق رائع من خبرائهم في المجر وألمانيا.

في هذه الشركة يتعانق العلم مع الصناعة حيث يتم توظيف كل أدوات الجودة العلمية في كافة مرافق وتطبيقات الجودة الشاملة في الشركة. كما يتم تطبيق مباديء متقدمة في الجودة والتصنيع مثل التصنيع الرشيق والحوسبة السحابية وغيرها.

هذه قصتي مع Törökszentmiklós، ولا تزال في ذاكرتي حتى اليوم، أتوق لزيارتها والعودة للشركة التي فتحت أبوابها وقدمت كل الدعم لي في سبيل نجاح مشروعي البحثي. وكم كنت سعيداً من تواجد مسؤوليها في مناقشة أطروحتي حيث أبدوا رأيهم بعملي ومشروعي ومخرجاته.