هل بدأ شتاء غودولو يا ترى؟ يذكرني فيسبوك ببدايته كما في أعوام سابقة، بملامحه البيضاء تكسو حرم جامعتي الجميلة، وساحة غودولو الوادعة التي افترشها الثلج فأدخلني الى قاعة المقهى الدافئة. أحببت هذا المقهى واعتدت قضاء الوقت فيه مع فنجان القهوة الاسبرسو وبعض الكوكيز. واعتدت على شتاء غودولو القارص وصقيعها المتلأليء على أغصان الأشجار، وانجمادها الصامت الهاديء الأبيض الذي لا يشوبه شيء. اعتدت نزول الدرج والمشي بالشارع بحذر ولبس ما يكفي من الثياب. فصقيع غودولو يتسلل بهدوء الى شعبك الهوائية فيحيلها التهابات لا يعالجها إلا كأس زهورات وزنجبيل وعسل وليمون. غاب أستاذي واستفقدته، فقد اعتدت أيضاً على أن أبذل يومي كاملاً في مكتبي في الجامعة مؤدياً واجباتي البحثية والعلمية، سألته عندما عاد ما سبب انقطاعك ونحن قد اعتدنا الصباح معاً؟ أعلمني أن زوجته مصابة بالزكام وأنه يبقى الى جانبها. بسرعة عدت الى غرفتي وأخذت بعضاً من أعشاب الزهورات ووضعتها في علبة وعدت له وشرحت له طريقة اعدادها. تلقاها بحذر فهو لا يعرف أصلها ولكنه أخبرني أنه سيجربها، وبعد يومين اتصل بي شاكراً وأخبرني أنها كانت جيّدة.

شتاء غودولو بارد في الخارج ولكنه دافيء وجميل داخل المباني وفي المواصلات وكافة المرافق، التدفئة في تلك البلاد كما الكهرباء والماء، في كل بيت. لذلك لا يعطّل الناس أعمالهم وقد لا يصغون لنشرة الطقس أساساً إلا في حالات الخطر حيث تُصدر الحكومة تحذيراتها.

الساعة الآن الواحدة والنصف، موعد استراحة قصيرة مع زميلي المصري الدكتور وليد حيث ننزل الى الكافتيريا لنشرب قهوة الأميريكانو مع قطعة كيك تعيد شحن مخزون الطاقة في أجسادنا، ينضم إلينا بعض الأصدقاء، وحديثنا الروتيني هو الأبحاث والنشر والمتطلبات والمساقات، لا أحاديث خارج هذا السياق.
بعض الجلسات تسفر عن الخروج للغداء أو الخروج الى بودابست والذهاب الى مقهى السلطان، حيث جلسة الأصدقاء الموسّعة وحيث كتبت بحثاً أو اثنين في أجواء هادئة وفرّها لنا أبو أحمد صاحب المقهى السوري الأنيق والبسيط. في الليل تعود الى غودولو وتمشي من محطة القطار الى السكن وتحت أقدامك تسمع أصوات طحن الصقيع وتمشي على خطوات من سبقوك هذا الطريق.
#أيام_هنغارية #Godollo #Budapest #SZIE