اليوم كنت في أمسية موسيقية في احدى الأماكن وفي هذه الأمسية الموسيقية يشترط بنا الحضور قبل الموعد بخمس دقائق كي لا يغلق علينا الباب ونرمى في الخارج، كما يفترض أن نغلق جوالاتنا وأفواهنا والا فسنتعرض الى تأنيب شديد من أحدهم، الذي يعتبر أن أي صوت نشاز من عطسة أو قحة أو رنة مفلته من جوال يمكن أن يؤثر على مسار النوتة الموسيقية ويحرفها.

حضرت سابقاً عدداً من الأمسيات ورأيت الاجراءات العقابية التي أتخذت بحق الخارجين عن قانون هذه الأمسيات، لكن هذه الأمسية مميزة حيث يبدو أن الذوات وكبار القوم أحضروا أطفالهم فيما يبدو أنه متفق عليه، وهؤلاء الأطفال دلاليع الى درجة كبيرة، راحو يتمازحون ويلعبون ويتناقشون أثناء العزف وعلا صوتهم، وتضايق بعض الحاضرين ومنهم أنا، ورحت أطوف بنظري في أرجاء القاعة باحثاً عن شرطي الأمسية ليتخذ قراراته الحاسمة كما هي دوما ولضبط الأمر، ووجدته منسجماً بين أوتار الآلات الموسيقية.

في فترة الاستراحة التقيته وطلبت منه اتخاذ اجراء معين في المرات القادمة لمنع تكرار هذه الفوضى الصبيانية، فأجابني أن هؤلاء الأطفال هم أطفال عائلات وبالتالي قد يكون أصغر طفل منهم أفهم من أفهم بالغ من المستويات الطبقية الأخرى، وأن وجودهم في هذه الأمسية ضروري جداً، على الأقل بنظر آبائهم لكي يتشرب هؤلاء الأطفال الفن من صغرهم ويشبوا على صوت البيانو وصوت الكمنجة بدل التربية في مجتمع الأطفال الآخرين الذين لاهم لهم الا الدوران في الشوارع ورشق الحجارة على الجنود الاسرائيليين.

أدركت حينها أن هناك الكثير من الناس باتوا لا يستطيعون رؤية الشمس الا من مؤخرات أطفالهم والأمر الآخر أن هناك من يستمتع بنور تلك الشمس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *