تهدف هذه المقالة الى تسليط الضوء على عدد من المستحدثات التكنولوجية التي يمكن أن تساهم في تطوير آليات تعليمية حديثة تساهم في رفع جودة التعليم من خلال تعزيز التواصل بين الطلبة والمدرسين وتطوير آليات التعلّم والتعليم. قد تكون بعض هذه المستحدثات معروفة للبعض والهدف من ادراجها في هذه المقالة هو تعميم التجربة عملاً بمبدأ نشر المعرفة والتجارب الناجحة، وسأورد بعض الأمثلة الحيّة من جامعتنا واقتباساً لبعض الآراء من أصحاب هذه التجارب العملية.


المستحدثات التكنولوجية التي سيتم مناقشتها في هذه المقالة هي كما يلي:

–         مواقع وشبكات التواصل الإجتماعي Face Book & Twitter.

–         مواقع المدونات (Blogs).

–         مواقع الملتميديا (فيديو وصوت).

–         تطبيقات جوجل: (Google moderator، و Google documents و Google Spreadsheets)

–         تطبيقات الويكي (النص المفتوح)

–         اللقاءات الحيّة عبر الفيديو والصوت (Live)

 

مواقع التواصل الإجتماعي: Face Book & Twitter:

المواقع المقترحة: www.facebook.com, www.twitter.com

ساهمت مواقع التواصل الإجتماعي في كتابة التاريخ الحديث على المستويين العربي  والعالمي ، فالتغيير الحاصل بالعالم العربي وما حققه من انجاز يدلل على أن مواقع التواصل الإجتماعي تلعب دوراً ريادياً في توجيه الشباب وتحريكهم بوسائل بسيطة ومؤثرة. وتستمر هذه المواقع الالكترونية العمل على تعزيز مكانتها من خلال استقطاب الملايين من الشباب حول العالم، ولذا نجد اليوم عشرات المؤسسات على صعيد العالم تتوجه الى تطوير حضورها الالكتروني من خلال انشاء صفحات لها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولأن الجامعات تقع في صدارة المؤسسات التي تضم فئة الشباب فهي الأخرى قد استشعرت الدور الذي تلعبه تلك المواقع، فبادرت الى انشاء صفحات لها وقنوات على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يهم  في هذه المقالة   إبراز دور وفاعلية استخدام هذه المواقع على مستوى المدرس كأداة لتحقيق أفضل تواصل مع الطلبة على مستوى المساق والبرنامج وحتى الكلية. ففي جامعتنا “جامعة النجاح” نجد عدداً من المدرسين قد أنشأ صفحة له على موقع الفيسبوك وعمّمَ عنوان هذه الصفحة بهدف استقطاب أكبر عدد من طلابه واعتمده وسيلة فعّالة للتواصل قبل وأثناء وبعد انتهاء المساق. ثم نجد المدرس يوجه اسئلة الى طلبته عن محتوى المساق، ومدى الفائدة المتحققة من المواضيع المطروحة ومواضيع اضافية قد لا يتسع الوقت لذكرها في وقت المحاضرة الرئيس، كما أنه وظف هذه النافذة من أجل  تمكين الطلبة  من خلالها التعبير عن آرائهم في مختلف القضايا اللامنهجية، و لتقوية قدرات الطلبة على الحوار والنقاش والتواصل. وعلى مستوى البرنامج والكلية فيمكن لرئيس القسم أو عميد الكلية انشاء صفحة بإسمه أو بإسم الكلية وتعميمها على الطلبة للتواصل والاستفادة من تبادل الأفكار والنقاش.

تجارب أعجبتني

أعجبتني تجربة الدكتور نبيل الضميدي عميد كلية الهندسة فمن خلال صفحته على الفيسبوك استطاع استقطاب مئات الطلبة، واستطاع نقاش عدد كبير من المواضيع الهامة على مستوى الكلية وعلى مستوى التعليم وأساليب التدريس، فضلاً عن توجيه العديد من النصائح والومضات الفكرية بهدف تطوير الوعي لدى الطلبة وتوسيع مداركهم وتدريبهم على الحوار الايجابي الذي يهدف الى تسليط الضوء على فرص التحسين من أجل العمل عليها وتحويلها الى نقاط قوة…

وقد لا تكون تجربة عميد كلية الهندسة الوحيدة، ولكنها واحدة من  التجارب التي أعجبتني حقاً لأنها توظيف حقيقي وايجابي لموارد متوفرة ساهمت في تعزيز التواصل ما بين إدارة الكلية والطلبة. إن إمكانية تعزيز هذا التواصل يمكن أن تأخذ أشكالا ومستويات عدة، على مستوى مجلس العمداء مثلا ومستوى رؤساء الأقسام في الكليات.

مواقع المدونات (Blogs):

من المواقع التي تقدم خدمة المدوّنات:مدونات مكتوب: maktoobblogs.com

المدونة هي صفحة الكترونية تمكّن المدرس من نشر محتوى قد يكون مقالا أو نتاج فكري أو عرض خبرة أو تجربة ناجحة للمدرس تفتح بابا للنقاش وتبادل الأراء والأفكار. فيمكن للمدرس أن يكتب مقالاً عن تجربته في تدريس أحد المساقات وأن يتطرق الى بعض نقاط الضعف لدى الطلبة، أو نقاط الضعف في المساق أو المقرر، وأن يحدد الإجراءات المستقبلية التي يجب اخذها في المستقبل لتحسين نتائج الطلبة. ثم يتحدث في تدوينة مستقبلية عن تطبيق هذا الإجراء التحسيني ونتائجه واذا كان هناك المزيد من الاجراءات التحسينية للمستقبل. وهذا يصب في بوتقة معايير الجودة الأكاديمية التي تتمثل في قدرة المدرسين وقيامهم بالكتابة عن تجربتهم في التدريس وكيفية تطوير أدائهم بناءً على تحديد النقاط التي تحتاج الى تحسين.

تجارب أعجبتني

شاهدت أحد المدونات لأحد المدرسين في احد الجامعات يتحدث فيها عن نشاط لا منهجي قصير في أحد المحاضرات حين شعر أن الطلبة دخلوا في الملل، فقام بعرض صورة أمام الطلبة طالباً منهم تحليل ومناقشة وجهة نظرهم في محتوى الصورة، وقد أبدى اعجابه بتنوع نظرة الطلبة لهذه الصورة، وارتباط تحليل الطلبة بنفسية وطبيعة كل طالب والخلفية الثقافية والأكاديمية التي جاء منها.

تساهم المدونات في تعميم التجارب الناجحة للمدرسين، وتشاركهم في المعلومات، وتبرز الدور الآخر للمدرس الجامعي، فهو ليس مسجّل Recorder يدخل الى الصف لتلاوة المحاضرة ويخرج بعد ذلك وكلما تطلب الأمر يستخرج نفس الشريط لإعادته. المدرس الجامعي مطلوب منه أن يقدم أساليب جديدة في التدريس، وأن يبرز قدراته على التطوير الذاتي لنفسه ولمحتوى المساقات التي يقوم بتدريسها. والمدوّنات أداة لتوثيق التجربة وتطويرها والبناء عليها. وهذا سيعزز الشفافية والثقة بين المدرس والطلاب، لكي يعرف الطلاب كيف أن مدرسيهم يهتمون بأدائهم ويحاولون البحث عن نقاط ضعفهم وتحسينها.

مواقع الملتميديا (فيديو وصوت):

موقع مقترح للملتميديا:www.youtube.com

توفر هذه المواقع أضخم أرشيف فيديو متاح ومفتوح للجميع في تاريخ البشرية، فموقع اليوتيوب اليوم يشكل مصدراً هاماً للفيديوهات التعليمية التي يمكن من خلالها مشاهدة تجارب علمية مصورة، في جميع المجالات، وقد تكون المجالات العلمية أكبر حظاً من مجالات العلوم الانسانية نظراً لأن المجالات العلمية تعتبر من مجالات العلوم التطبيبقية التي يمكن تصويرها وانتاجها. هناك مئات الجامعات حول العالم تبث محاضرات مصوّرة على الانترنت بهدف تعميم التجارب أمام الطلبة محلياً وعالمياً. ونحن في الجامعة لدينا تجربة في هذا المجال لا زالت في البداية وبحاجة الى تطوير مستمر.

تجارب أعجبتني

يستخدم الدكتور جلال الدبيك – المحاضر في كلية الهندسة ومدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل في الجامعة الفيديوهات التوضيحية المقتبسة من يوتيوب لتوضيح آثار الزلازل والتسونامي وغيرها من الظواهر الطبيعة على الأبنية. يقوم بإدراج الفيديوهات ضمن عروض البوربوينت التي يقدمها في المحاضرات سواء للطلبة أو للمجتمع.

تطبيقات جوجل:

تقدم شركة جوجل باقة متميزة من الخدمات التي يمكن توظيفها في تطوير العملية الأكاديمية، لقد أسهمت جوجل ايجابياً وبشكل منقطع النظير في تطوير المحتوى الالكتروني، وتنظيم هذا المحتوى بحيث يمكن الوصول الى أي معلومة بطريقة سهلة، وليس المقام هنا الحديث عما تقدمه جوجل في مجال  البحث الالكتروني حيث استخدم أو يستخدم معظمنا هذه الخدمات يومياً. ومن هذه الخدمات:

–        Google moderator: خدمة تتيح للمستخدم (المدرس، رئيس القسم الأكاديمي) انشاء صفحة يتم فيها استقبال اقتراحات الجمهور، ويمكن للجمهور التصويت على هذه الاقتراحات، أما كيف يمكن استخدام هذه الوسيلة في تطوير التعليم؟، فقد لاحظت قيام بعض الأقسام الأكاديمية في الجامعة بإستشارة الطلبة في المساقات التي يرغبون التسجيل بها في بعض الفصول الدراسية، وعليه فبدلاً من أن تكون هذه العملية ورقية، يمكن التعميم على الطلبة بالدخول الى رابط، واقتراح أسماء مساقات، والتصويت على هذه المساقات. وفي النهاية يتم اعتماد المساقات التي حصلت على أعلى أصوات بما يتوافق مع مصلحة القسم والطلبة الأكاديمية. كما يمكن لمدرس مساق أن يستشير طلابه ببعض العناوين الاضافية التي قد يرغبون بدراستها ضمن مساق معين ويتم مناقشة الاقتراحات والتصويت عليها للخروج بعناوين يرغب الطلاب حقّاً بدراستها. فضلاً عن أن هذه الأداة تشعر الطلاب أنهم جزء من العملية الأكاديمية وتنتقل بهم من مستوى المتلقي الى مستوى المشاركة في الاعداد. (للدخول الى الخدمة: http://www.google.com/moderator/)

–        Google Spreadsheets: خدمة رائعة أخرى من جوجل مقدمة مع مجموعة (Google documents)، تمكن المدرسين والباحثين من اعداد نماذج الكترونية (طلب الكتروني) بسهولة شديدة، ومن ثم يقوم المدرس بتوزيع هذا الطلب الكترونياً على الطلبة ويحصل على اجاباتهم “اقتراحاتهم” الكترونياً على شكل ملف اكسل أو ملف وورد. كما يمكن للباحث أن يعد استمارة للبحث العلمي وأن يطلب من الفئة المستهدفة تعبئة النموذج الكترونياً وبالتالي يوفّر عناء تفريغ النموذج الورقي، ويوفّر تكلفة الطباعة والتصوير.

تجارب أعجبتني

أعجبتني تجربة للدكتور حسام عرمان (المدرس في قسم الهندسة الصناعية) في مساقه “ادارة الجودة الشاملة” في برنامج ماجستير الادارة الهندسية. حيث قام في نهاية الفصل الدراسي بتوزيع نموذج الكتروني عبر الايميل يطلب فيه تقييم المساق من ناحية المحتوى، واقتراحات لتحسين وتطوير المساق في المستقبل. وفّرت هذه الأداة من جوجل تصميماً مميزاً للنموذج، وأعطت الطلبة الفرصة لتعبئة النموذج بعيداً عن ضغوط القاعة الدراسية، وبالتأكيد فقد راجع الدكتور حسام كتابات الطلبة واهتم بها.

–        Google Documents: لم يعد من الضروري أن يكون على حاسوبك برامج الأوفيس المعروفة (وورد واكسل وبوربوينت وغيرها) يمكن اليوم كتابة، تحرير ومشاركة هذه الملفات مع الآخرين الكترونياً من خلال “مستندات جوجل” حيث يمكنك ومن خلال متصفح الانترنت فتح هذه الملفات وتحريرها الكترونياً وحفظها ومشاركة من تريد بالاطلاع على هذه الملفات أو التعديل عليها. docs.google.com

تطبيقات الويكي: www.wikispaces.com:

تقدم هذه المواقع خدمة النص المفتوح، حيث يمكن انشاء صفحة للمساق، وتكون هذه الصفحة متاحة لقائمة من الأعضاء، يقوم كل عضو بالمساهمة في تطوير محتوى هذه المدونة، فيمكن للمدرس ولتشجيع الطلبة على البحث العلمي واكتساب مهارات التعلّم أن يطلب من طلبة مساقه أن يقوم كلٌ منهم بإعداد بحث صغير ضمن عنوان من عناوين المساق الفرعية (بحث) وأن يقوم برفع محتوى هذا البحث على صفحة الويكي للمساق ضمن العنوان المحدد. وسنجد أن الطلبة قاموا بتطوير محتوى هذا المساق من خلال التعلّم الذاتي، البحث ضمن عنوان من عناوين المساق وبالتالي التعمق أكثر في المساق. تطوير قدرات الطلبة على البحث العلمي، واكسابهم خبرة جديدة في التعامل مع وسائل الكترونية حديثة.

تجارب أعجبتني

من التجارب التي أعجبتني تجربة الدكتور علي زهدي ( المحاضر في كلية التربية)، حيث قام بتدريب الطلبة على استخدام الويكي سبيس، ثم طلب من كل طالب أن يقوم بإعداد بحث قصير في أحد العناوين، وساهمت مشاركات الطلبة في الويكي بإثراء المساق بمواضيع اضافية وغنية كانت عبارة عن حصيلة جهد جماعي للطلبة. نفس الأسلوب استخدمه الدكتور علي في دورة تدريب البحث الاجرائي التي عقدتها الجامعة لعدد من الباحثين في المؤسسات المجتمعية المحلية، هذه الأدوات ساهمت ايجابياً في تطوير آليات البحث الاجتماعي للباحثين في هذه المؤسسات.

اللقاءات الحيّة عبر الفيديو والصوت (Live)

المواقع المقترحة: www.wiziq.com

دعاني الدكتور علي زهدي لحضور محاضرة على الانترنت في الساعة العاشرة ليلاً وكانت هذه المحاضرة عبارة عن لقاء جماعي مع طلابه على شبكة الانترنت وعبر الموقع www.wiziq.com . كان الدكتور علي يجلس في بيته وكان الطلبة متصلون بالانترنت بعضهم من خلال الصوت وبعضهم من خلال الكتابة النصية. وقد اتفق الدكتور علي مع طلابه على الموعد بغرض الاجابة عن استفساراتهم فيما يتعلق بمادة امتحان قادم.

أجاب الدكتور علي على جميع تساؤلات الطلبة واستفاد الجميع من الأسئلة والاجابات، وكان اللقاء رائعاً تعرفت فيه على ما يقدمه الموقع المذكور. ان استخدام مثل هذه التقنية تمكن المدرس من اللقاء مع طلابه، وتقديم شرح لمحاضرات كاملة وهناك لوح أبيض متصل بكمبيوتر المدرس، وكل ما يتم كتابته على اللوح الأبيض أو رسمه يستطيع جميع الطلبة قراءته والتفاعل معه. كما يمكن لمدير الجلسة “مدرس الصف” أن يعطي الدور للطلبة للتعليق وتوجيه التساؤلات وأن يقوم بإدارة الحوار، وتبادل الملفات.

خلاصة:

توفر الانترنت أدوات متميزة لتطوير التعليم، لم يعد للوسائل التقليدية القديمة مكان في فضاء التعليم الحديث، الأدوات الالكترونية توفر امكانيات هائلة، كمصدر للمعلومات وكوسيلة للتواصل والتطوير. المدرسون اليوم مطلوب منهم توفير آليات حديثة للتعليم، والانتقال بالتعليم من مرحلة التلَقّي لدى الطلبة الى مرحلة المشاركة. الطلبة من منظور جودة هم زبائن الجامعة اذا نظرنا اليهم كمستفيدين من خدماتنا ودافعين لرسوم تشكل مصدر الدخل الأساسي للجامعة، وبالتالي فإن رضى الطلبة ومشاركتهم وتعزيز قدراتهم مسؤولية تقع على عاتق المدرسين والأقسام والكليات. ومن ناحية أخرى فإن الطلبة هم “المنتج” الذي تخرجه الجامعة للسوق المحلي “المستهلك” ويجب أن يتمتع هذا المنتج بكافة المواصفات والمميزات التي يتطلبها سوق العمل، ولن تساهم الوسائل التقليدية في التعليم في رفع جودة وكفاءة هذا المنتج اذا بقيت في حالها.. يجب أن يكون هناك خطوة للأمام وبمبادرات ذاتية من المدرسين لتطوير قدراتهم الإلكترونية وتقديم نماذج نفتخر أن نشارك بها الآخرين “قصص نجاح”.

يسرني التواصل مع المهتمين على الهاتف الداخلي للجامعة، أو على بريد الكتروني samisadder@gmail.com

كما يمكن زيارة مدونتي www.samisadder.info  للمشاركة والتفاعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *